img
img

بين المحافظة على مكسب الحرية و الديمقراطية و تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية

img
منصة أفق السياسة

بين المحافظة على مكسب الحرية و الديمقراطية و تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية

مروان بحري

ناشط سياسي تونسي



ان مكسب الحرية الذي حققه شعبنا بفضل تضحيات أجيال متعاقبة توجتها ثورة الحرية و الكرامة اصبح مكسبا مهددا نتيجة فشل كل القوى الفاعلة بعد الثورة في بناء مؤسسات الجمهورية الثانية و ضمان النقلة التنموية المرجوة خاصة في وقت تواصل فيه البلاد التونسية العيش على وقع أزمة سياسية خانقة منذ إنقلاب 25 جويلية 2021 و ذهاب سلطة الأمر الواقع إلى فرض قيود على الحقوق و الحريات من خلال بسط نفوذها و سيطرتها على مختلف أجهزة و مؤسسات الدولة بما في ذلك السلطة القضائية و التي تحولت إلى مجرد وظيفة لدى السلطة التنفيذية و هو ما حول الدولة التونسية منذ أشهر إلى ما يشابه المملكة الخاضعة لحكم الفرد.

لا شك ان الحكومات السابقة بما فيها حكومات الرئيس أثبتت فشلها في التعامل مع مطالب الشعب التونسي خاصة منها المتعلّقة بالوضعيّة الإقتصادية و الإجتماعيّة و ساهمت في مزيد تأزيم الأوضاع و لكن هذا لا يمكن تجاوزه بمشروع فردي يضرب كل مكتسبات الثورة و التمادي في فرضه بالقوة، حيث يتزامن هذا التصعيد و الإعتداء السافر على الحقوق و الحريات في تونس مع الأزمة الإقتصادية و الإجتماعية التي عجزت فيها سلطة الأمر الواقع عن تقديم  أي حلول أو برامج تنقذ و تخدم صالح الشعب التونسي.


 فترة ما بعد الانقلاب:

أدت سياسات الرئيس منذ قرابة السنتين إلى عزلة دولية و داخلية لم تشهدها الدولة التونسية منذ الإستقلال اضافة إلى الفشل الذريع في ادارة الشأن العام و العبث بالدولة و مكتسباتها و تجاهل إنعكاساته على الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية التي زاد تدهورها بتراجع المقدرة الشرائية للتونسيين و الزيادات الجنونية في الأسعار و هو ما جعل المواطن التونسي ليس فقط بلا منجز سياسي بل و بلا عيش كريم يتوفر فيه أبسط المقومات الحياتية الضرورية.

 

حيث أولت السلطة الأهمية المطلقة إلى مسائل لا تعالج الأولوية الإقتصادية و إختارت مواصلة التنكر للمطالب الشعبيّة و تركت الشعب التونسي يواجه مصيره المحتوم بين مراكب الموت و السجون لكل من يعارض هذا النظام

 

و بالرغم من هذا الفشل إختار رئيس السلطة القائمة مواصلة الهروب الى الأمام بتقسيم التونسيين، و شيطنة المعارضة و تشويه الأحزاب والمنظمات و تقويض حق التنظم و حرية التعبير و الإنهاء الكلي لآخر الأطر الديمقراطية في البلاد متجاهلا بذلك الأزمة المركبة على المستوى  السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي التي تعيشها البلاد بعد إنقلاب 25 جويلية و ما نتج عنه من حصار مالي و خفض ترقيمها السيادي و تراجع كل مؤشراتها و التي إنعكست سلبا على وضعية المواطن المتردية على جميع المستويات.

 

عودة الديمقراطيّة من أجل العمل على النقلة التنمويّة:

انطلاقا من تقييم الفترة السابقة و تفاعلا مع متطلبات المرحلة نجد انه لا بد من رؤية جديدة تضمن تحقيق المطالب الشعبية الشرعية بعيدا عن دعوات الفوضى و الرجوع إلى الوراء مع ضرورة الإصلاح على جميع المستويات و خاصة الإقتصادي و السياسي بإعتبارهم الأهم بحيث تقع مسؤولية الانقاذ على عاتق كلّ القوى الديمقراطية المتمسّكة بقيم الحرّية والجمهورية ودولة القانون والمؤسسات.

يكون ذلك من خلال العمل على المحافظة على مكسب الحريّة و خلق اطار ديمقراطي بعد حوار وطني شامل و فعلي لإعداد برنامج وطني مشترك للإنقاذ يجمع كل مكونات الطيف السياسي بمختلف توجهاتها و خياراتها و يكون هذا الحوار منفتح على كل المراجعات المتعلقة بالمسألة السياسية مع اعطاء الأولوية للمسألة الإقتصادية بإعتبارها المحور الأهم في ظل الوضعية الحالية لميزانية الدولة و عدم قدرتها على الوفاء بإلتزاماتها الخارجية و الداخلية و ما نتج عن ذلك من اضطراب في تزويد الاسواق و التأخر في صرف الجرايات مما سيحوّل الأزمة الإقتصادية إلى أزمة إجتماعية غير معلومة العواقب ذلك أن الشعب التونسي قد نزف الكثير و لن يكون على إستعداد ليتحمل أكثر و لا ليصبر على مزيد من الجوع و الحيف.


تعليقات