طوفان الأقصى بداية النهاية...
د: عبداللطيف مشرف_ أستاذ التاريخ السياسي المساعد بجامعة ستاردوم.
نحن أمام أكبر إبادة جماعية في التاريخ المعاصر تستهدف شعب غزة، وهذه الجريمة قد حصلت بتواطؤ وتسامح دولي مروّع. وعلى الرغم من ذلك، لازالت قضية فلسطين تنبض في قلوب شعوب الأمة، وأدرك العالم بأسره أن هناك رجالًا وأبطالًا في هذه الأمة يتمسكون بأرضهم رغم الدمار والموت الذي يحل بالأبرياء. إنهم أشجع رجال وأصحاب قدر من الذين ينكسرون أمامهم من أجل شراء الرضا والولاء والحفاظ على عروشهم، ولو كان المقابل مقدسات ومقدرات الشعوب والأمة، والأهم من ذلك قتلنا في الجنة وقتلاهم في النار.
أصبح واضحًا للصهاينة وللعالم أجمع أن هذه الأرض ليست أرضهم، ويمكن رؤية الرعب والخوف على وجوه السارقين، وكذلك على من يتدافعون للدفاع عن زعيمهم الإجرامي في الشرق الأوسط. يجب على الجميع أن يدركوا أن هذا الكيان المحتل يعيش في أزمة وجود وانتماء، وما نشهده الآن هو بداية النهاية لهذا الكيان المحتل.
لعل ظهر ذكاء حماس والمقاومة في عملية تكتيك مفاجئ أربك العدو بكل ما يملكه من تكنولوجيا وأسلحة متطورة، لدرجة جعلت من يرعى هذا الكيان وهي أمريكا بأن تشعر بالخطر، لا فحسب، بل أرسلت قواتها وحاملة طائرات إلى المتوسط لتدعم هذا الكيان الذي أرعبه رجال القسام، بل جعلوهم جميعًا يشعرون بأن هذه الدولة في نهايتها فوجب التحرك، تخيلوا هذه الإمكانيات وهؤلاء الجنود بقلة إمكانيتهم يتحرك من أجلهم العالم بزعامته أمريكا ليقمعهم ويدافع عن الكيان الصهيوني، فماذا لو تحركت جيوش المسلمين تجاه هذا الكيان الغاصب؟ ماذا لو تحركت شعوب العالم الإسلامي؟ الجواب سيحترق هذا الكيان ومصالح أمريكا في الشرق الأوسط وتكون العزة لهذه الأمة فيما بين الفجر حتى العشاء، ولعل ما يؤكد كلامي هذا: " قول "كيسنجر لمناحم بيجن" بعد التوقيع على معاهدة كامب ديفيد مع مصر: "شيد ما شئت من مستوطنات الآن، ولكن أعلم أن هذه الأمة لو استيقظت لتهدم كل لتهدم ما شيده ما بين الفجر والمغرب".... لعله قرأ التاريخ الإسلامي وانتصاراته جيدًا.
لعل طوفان الأقصى أثبتت وبثت الأمل في نفوس الشعوب بأنهم أمام زوال لهذا السرطان الذي زرعته بريطانيا في جسد العالم الإسلامي الآن، بل زواله أبسط ما يكون بعكس ما روج له بأنه استخباراتي وقاد على فعل كل شيء، فطوفان الأقصى بإمكانياته البدائية وحصاره المستمر تغلب على استخباراته وتكنولوجيته ورجاله ودباباته وسياجه الحصينة، فما بالكم إذا ملك التكنولوجيا والفضاء الرحب للتحرك، إننا أمام معركة فاصلة بين الشرق والغرب، وبداية نهاية للهيمنة الأمريكية على الشرق وكذلك استئصال هذا السرطان من جسد هذه الأمة، وكلمة السر ثبات الأبطال في الداخل الفلسطيني وتحديًا غزة، وشعوب العالم الإسلامي التي مازالت القضية حية فيها، فهما كلمة السر في تدمير مخطط الشرق الأوسط الجديد وصفقة القرن المشؤومة.
اكتب مراجعة عامة