img
img

رؤية استشرافية للواقع السِّياسي في السّودان

img
منصة أفق السياسة

رؤية استشرافية للواقع السِّياسي في السّودان

يرسم المجلس العسكري السّوداني فخًا للمعارضة السّياسيّة كما حدث في كثيرٍ من بلدان الرَّبيع العربيّ، فإنّ دعوة البرهان لحوارٍ وطنيٍّ هو بداية الفخ، لأنّه يعلم هو والمجلس العسكري أنّ المعارضة السّياسية أو الشّارع السّياسي  لن يتفقوا  ولن يجلسوا على طاولةٍ واحدةٍ من أجل أن يحدِّدوا أهدافهم ويتّفقون على البديل السّياسي للمرحلة القادمة،  بل سيظلّون يرمون بعضهم البعض بالاتهامات والعمالة،  وكذلك كلًّا منهما سينحاز  لأيدولوجيته غير الواضحة غير المفهومة من ذاتهم، لأنّ الكثير من نخب وأحزاب الشّرق الأوسط حديثي عهدٍ بالسّياسة ولم يتربّوا عليها ولم يتعلَّموها، وذلك لأنّ أبناء الشرق الأوسط تربّوا تحت ظلّ أنظمة ديكتاتورية سلطوية كانت تمنع أي فكر أو حوار  تعليمي جاد، فحدث تجريف سياسي وعلمي وثقافي لهذه البلدان، والآن بقايا هذه الأنظمة ذاتها تستغلُّ هذا التّجريف من أجل الوصول إلى السُّلطة والإبقاء عليها في أيديهم،  أمّا نهاية الفخ ستفشل المعارضة في الاتّفاق فيما بينها أو وجود بديل سياسي متّفق عليه ليقود المرحلة القادمة ، بل سيعمل هذا الحوار على توسيع الانقسام والانشقاق في الشّارع السّوداني، بل سيخلق حالةً جدليةً واسعةً يضيق منها الشّعب ومن هذه المعارضة، ثم يأتي المجلس العسكري بصبغةٍ مدنيّة ويقول للشّارع السّوداني:

ما رأيكم في المدنيّة ؟ فقد أعطاهم الوقت الكافي ولم يتّفقوا بل دمّروا في هذه الفترة الأمن والاقتصاد رغم أنّه السبب ، ولكن ستكون شماعته في انهيار الاقتصاد والأمن فترة حوار المعارضة غير الواعية للأسف ، بل سيصبح بطلًا عندما يقوم بإنهاء هذا الانقسام والجدال الذي هو من صنعه، ثم سيطلب تفويضًا، وتنزل الملايين للشّوارع من أجل وهم الأمن،  حلم الاقتصاد العظيم، ومن ثم سيكونون أبطالًا وحكّامًا بإرادة شعبيّة، وسيظلّ الوضع كما هو عليه  في السودان  مع بعض التّطوير وهو عسكرة بزيٍّ مدنيّ،  والنّتيجة  ستزداد السّلطوية والقمع  داخل المجتمع السّوداني، وسيكون الشّارع السّوداني  السّياسي إما معتقل بتهمة الخيانة والأمن والتّخابر ... إلخ وإمّا مثالي ومطيع وأداة للسّلطة العسكريّة المدنيّة القادمة ، وبالتّالي تفشل الحوارات والثّورات في محيطنا وتظلُّ الأوطان في دائرة عالم ثالث سلطوي ونهب وأصحاب سيادة تريد فقط مصالح شخصيّة ولقطة كاميرا إعلامية مسلّطة عليها لتشبع نرجسيتها، ويظل السؤال القائم 

لماذا تفشل الثّورات في الشّرق الأوسط ودومًا نحكم بالحديد والنّار ؟ 

السبب هو غياب الوعي السّياسي عند النّخب، وعند عامّة الشعب، الشّارع السياسي غير متفق متحيّز ايديولوجيأ على حساب الوطن وثرواته، لا يوجد بديل ولم يتم الاتفاق عليه.

 د.عبد اللطيف مشرف - دكتوراه في التّاريخ السياسي

تعليقات