img
img

التطور السياسي والدبلوماسي في سوريا: رحلة ديناميكية بقيادة وزير الخارجية أسعد الشيباني

img
منصة أفق السياسة

التطور السياسي والدبلوماسي في سوريا: رحلة ديناميكية بقيادة وزير الخارجية أسعد الشيباني

أ. جميل العبدالله 

باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية


مقدمة

على مدى الفترة الأخيرة، شهدت الساحة الدبلوماسية في سوريا تحولات ملحوظة في إطار جهود الحكومة الانتقالية لإعادة رسم خارطة العلاقات الدولية وإعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي. يقود هذه التحولات وزير الخارجية أسعد الشيباني، الذي اتخذ من الحوار والدبلوماسية السبيل الأساسي لتحقيق تقدم سوريا على المسرح الدولي، سواء في مواجهة العقوبات الاقتصادية أو في تنشيط التعاون مع الدول العربية والإسلامية والغربية. وفي خطوة دبلوماسية جديدة، تضاف إلى هذه المساعي إعادة افتتاح البعثات الدبلوماسية؛ حيث أعادت تركيا والسعودية وقطر فتح سفاراتها في دمشق، وفي تطور مفاجئ أعلن اليوم عن إعادة افتتاح السفارة الألمانية في دمشق خلال زيارة معلنة لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك.

مبادئ التوجه الدبلوماسي

منذ توليه منصبه، اتخذ وزير الخارجية أسعد الشيباني من الحوار المباشر والشفافية في التعامل مع كافة الأطراف الدولية المبدأ الأساسي لتحقيق التقدم في السياسة الخارجية. فقد أكد مرارًا أن الصدق والشفافية هما السبيل لبناء الثقة الدولية، سواء في لقاءاته مع مسؤولين من دول جارة أو مع ممثلي القوى الكبرى في أوروبا. وتشمل رؤيته:

• إنهاء الصراعات الإقليمية عبر العمل المشترك.

• تخفيف العقوبات الاقتصادية والمصرفية التي تعيق عملية إعادة الإعمار.

• فتح قنوات جديدة للتجارة وتبادل الخبرات في مجالات الطاقة والاستثمار.

لقاءات سابقة وإسهامات دبلوماسية

على مدار الأشهر الماضية، عقد أسعد الشيباني عدة لقاءات بارزة مع رؤساء وزراء ومسؤولين دبلوماسيين من عدة دول. فقد تناول في إحدى الاجتماعات مع وفود من دول الخليج أهمية الوحدة العربية والتعاون الاقتصادي لمواجهة التحديات المشتركة. كما شارك في نقاشات موسعة مع ممثلي الاتحاد الأوروبي حول سبل تحسين العلاقات الاقتصادية والسياسية، مع التركيز على فتح قنوات جديدة للتجارة وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والنقل.

كما أولت مبادرات الوزير اهتمامًا خاصًا بتطوير العلاقات مع الدول الإسلامية، مؤكدًا أن القضية السورية تبقى محور اهتمام جماعي يستوجب التضامن لمواجهة التحديات الإقليمية. وقد شارك أيضًا في مؤتمرات دولية تناولت قضايا الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، حيث ناقش سبل مكافحة التطرف وإيجاد حلول سلمية للنزاعات القائمة.

اللقطة الأخيرة في بروكسل: خطوة فاصلة

في لقاء عقد في بروكسل يوم الاثنين الماضي، جاءت المناقشات في إطار مبادرات تهدف إلى تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. تناول الاجتماع موضوعات حساسة تشمل:

• سبل رفع العقوبات الاقتصادية والمصرفية المفروضة على الحكومة السورية.

• تعزيز التعاون في مجالي الطاقة والنقل من خلال مشاريع مشتركة.

• أهمية تبادل المعلومات والتنسيق في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة.

أعرب الوزير عن تفاؤله بالنتائج التي تم التوصل إليها خلال اللقاء، مؤكدًا أن الحوار البناء هو السبيل لتحقيق تغيير حقيقي يخدم مصلحة الشعب السوري والوطن بأكمله.

إعلان على منصة “اكس”: رسالة الشكر والالتزام

نُشر على حساب وزير الخارجية أسعد الشيباني على منصة “اكس” بيانٌ عبّر فيه عن امتنانه للاتحاد الأوروبي وبلجيكا وجميع الدول الأعضاء في مؤتمر بروكسل، حيث جاء البيان كما يلي:

“أعرب عن امتناني للاتحاد الأوروبي وبلجيكا وجميع الدول الأعضاء في مؤتمر بروكسل اليوم على ترحيبهم الحار وحرصهم على دفع عجلة التعافي في سوريا، وتعهدهم بتقديم 5.8 مليار يورو كمنح وقروض. كان لي شرف تمثيل سوريا كدولة تحضر للمرة الأولى في مؤتمر بروكسل.”

وأكد الوزير في بيانه أن إعادة إعمار سوريا هو جهد جماعي وشراكة عالمية، معربًا عن أمله في أن يسهم التعاون مع الأصدقاء في نقل الشعب السوري نحو نقلة نوعية من الازدهار والتقدم.

التطورات الدبلوماسية الجديدة وآفاق المستقبل

إعادة افتتاح السفارات

في ظل الحكومة الانتقالية، استأنفت عدة دول عمل بعثاتها الدبلوماسية في دمشق؛ فقد أعلنت تركيا والسعودية وقطر عن إعادة فتح سفاراتها، مما يشير إلى رغبتها في دعم عملية الانتقال السياسي والاقتصادي في سوريا. وفي خطوة دبلوماسية مفاجئة ومعلن عنها اليوم، قامت ألمانيا بإعادة افتتاح سفارتها في دمشق بعد انقطاع دام أكثر من 13 عامًا. جاءت هذه الخطوة خلال زيارة رسمية لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي أكدت أهمية وجود ممثل ألماني على الأرض لمتابعة جهود الإصلاح السياسي والاقتصادي في سوريا، ودعم عملية إعادة الانخراط في المجتمع الدولي.

التحديات والفرص

على الرغم من هذه الخطوات الإيجابية، لا تزال سوريا تواجه تحديات عدة:

• العقوبات الدولية: تظل العقوبات الاقتصادية والمصرفية عائقًا رئيسيًا أمام جذب الاستثمارات الأجنبية وإعادة بناء الاقتصاد.

• الانقسامات الداخلية والتدخلات الإقليمية: تؤثر الانقسامات السياسية والطائفية، إلى جانب التنافس بين القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران، على قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات الشاملة.

• الحاجة لإصلاحات داخلية جذرية: يتطلب استعادة الثقة الدولية تنفيذ إصلاحات حقيقية في مؤسسات الدولة وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار.

من ناحية أخرى، تُعد إعادة فتح السفارات وزيارات المسؤولين الأجانب فرصة لإعادة دمج سوريا في النظام الدولي، مما قد يؤدي إلى تخفيف العقوبات وفتح قنوات جديدة للتعاون الاقتصادي والفني.

دعم الشعوب والوحدة الإقليمية

لم تقتصر معركة إعادة بناء سوريا على جهود الحكومة فقط، بل كان لها بعد شعبي واسع ودعم من العالم العربي والإسلامي. فقد شهدت الأيام الماضية تجمعات وتصريحات عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تؤكد أن قضية سوريا تلامس قلوب الشعوب في المنطقة. هذا الدعم الجماعي يعزز روح المقاومة والأمل لدى المواطنين، ويؤكد على وحدة الصف الوطني في مواجهة التحديات المختلفة.

خاتمة

في خضم هذه التطورات الدبلوماسية الحاسمة، يظهر وزير الخارجية أسعد الشيباني كشخصية محورية تسعى إلى إعادة صياغة السياسة الخارجية لسوريا بما يتماشى مع تطلعات الشعب ومتطلبات العصر. من خلال سلسلة اللقاءات الدبلوماسية المهمة والإعلانات التي تحمل رسائل شكر وتقدير، يبني الشيباني جسور الثقة مع مختلف الأطراف الدولية، مؤكدًا أن الحوار والتفاهم هما السبيل لتجاوز العقبات وإعادة بناء وطن يعمه الاستقرار والازدهار.

إن مسيرة التطور السياسي والدبلوماسي في سوريا، رغم تحدياتها، تُعد خطوة واعدة نحو مستقبل أكثر إشراقًا إذا ما تمسكت القيادة بالشفافية والحوار والتعاون الدولي. ومع كل خطوة جديدة، تتجلى صورة سوريا الجديدة التي تسعى لتحقيق نقلة نوعية تضعها في مصاف الدول الفاعلة على الساحة الدولية.

المصادر المحدثة:

• AP News – Germany reopens its embassy in Syria, 13 years after closure

• Reuters – Germany reopens Syria embassy in cautious thaw with Islamist leaders

• تقارير ومقالات من CNBC Arabia وEnabbaladi حول التطورات الدبلوماسية في سوريا

بهذه الخطوات، تتقدم سوريا نحو إعادة اندماجها في المجتمع الدولي، رغم العقبات القائمة، مما يُفتح آفاقًا جديدة للتعاون الدولي والإصلاح الشامل.

تعليقات

الكلمات الدلالية