img
img

الأربعون في الطهارة

img
منصة كلنا دعاة

الأربعون في الطهارة

الحمد لله المتصف بصفات الكمال المنادى بأسمائه الحسنى  سبحانه ذي الجلال وأصلي وأسلم على الرسول والصحب والآل ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يومٍ يؤول إليه المآل.

أما بعد:

اصطفى  الله  رسوله محمد ليكون خاتم رسله ومبلغ دعوته للناس كافة، قال الله  {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[1].

واختار خير عباده ليكونوا صحابة[2] نبيه وفرسان دعوته، وانتقى أتباعهم[3] ليكونوا أئمة خلقه وخير عباده، فقد صح في الحديث عن رسول الله أنه قال: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ،"[4]، فهم سلف الأمة وعلماؤها، وهم خير تابع لأفضل متبوع .

روى الإمام أحمد : في مسنده عن عبد الله ابن مسعود قال: إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئاً فهو عند الله سيئ"[5].

وقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَأَسِّيًا فَلْيَتَأَسَّ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا وَأَقْوَمَهَا هَدْيًا وَأَحْسَنَهَا حَالًا، قَوْمًا اخْتَارَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ"[6].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية  : "وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، كَلَامٌ جَامِعٌ، بَيَّنَ فِيهِ حُسْنَ قَصْدِهِمْ وَنِيَّاتِهِمْ بِبِرِّ الْقُلُوبِ، وَبَيَّنَ فِيهِ كَمَالَ الْمَعْرِفَةِ وَدِقَّتَهَا بِعُمْقِ الْعِلْمِ، وَبَيَّنَ فِيهِ تَيَسُّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَامْتِنَاعَهُمْ مِنَ الْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ بِقِلَّةِ التَّكَلُّفِ."[7]

 

قال ابن أبي حاتم  : "فأما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله عزوجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة  وجعلهم لنا أعلاما وقدوة فحفظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلغهم عن الله عزوجل وما سن وشرع  وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وحظر وأدب، ووعوه وأتقنوه، ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده - بمعاينة رسول الله  صلى الله عليه وسلم، ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله عزوجل بما من عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز  وسماهم عدول الأمة فقال عز ذكره في محكم كتابه (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لتكونوا شهداء على الناس -) ففسر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز ذكره قوله (وسطا) قال: عدلا.

فكانوا عدول الأمة -  وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة.

وندب الله عزوجل إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال {ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى} الآية .

ووجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد حض على التبليغ عنه في أخبار كثيرة ووجدناه يخاطب أصحابه فيها، منها أن دعا لهم فقال نضر الله امرءا؟ سمع مقالتي فحفظها ووعاها  حتى يبلغها غيره.

وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته: فليبلغ الشاهد منكم الغائب.

وقال: بلغوا عني ولو آية وحدثوا عني ولا حرج"[8].

وهذا غيض من فيض فيما قاله أهل العلم في فضل الصحابة وعلمهم.

وبهذا كله يتبين بأن الصحابة أفقه الأمة، ففهمهم للوحي كان أصح فَهم،  فهُم الذين وردوا العلم من رسول الله الأمين ونقلوه لأتباعهم، فكانوا خير سلف لخير خلف... وكل خير في اتباع من سلف .

فكانت سلسلة تقريب فقه السلف للخلف، لننقل للناس فقه هؤلاء الأئمة الأعلام صحابة خير  الأنام وأتباعهم.

ولما كان مصنف الإمام أبي بكر ابن أبي شيبة[9]  أوسع الكتب وأكبرها التي اعتنت بجمع آثار الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين، وقد جمع فيه مايقارب الأربعين ألف أثر .

وقد ذكر أهل العلم بأن كتابه المصنف أهم كتاب في نظر الفقيه بعد كتاب الله.

تحريت في باب الطهارة أربعين أثراً صحيح الإسناد، عشرون منها عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعشرون عن التابعين رضي الله عنهم أجمعين.

والله أسأل أن يوفقني ويسدد خطاي ويسخرني في خدمة هذا الدين العظيم..

كما وأسأله جل في علاه أن يهدي شبابنا لاتباع سنة نبينا والسير على خطى أصحابه والتابعين فنعود إلى نهجنا الرشيد عوداً حميداً،  لنكون خير خلف لخير سلف...

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

والحمد لله رب العالمين..

كتبه  أبو عمر  جلال الدين بن عمر الحمصي

فجر الجمعة 14 رجب 1442 هجرية 26 شباط فبراير 2021 ميلادية

لبنان بيروت

البريد الإلكتروني

[email protected]



 [1] (سبأ 28)  .

 الصحابة هم الذين لقوا رسول الله وآمنوا به، وماتوا على ذلك. [2]

 التابعون هم الذين لقوا صحابة رسول الله ، وآمنوا به ، وماتوا على ذلك.[3]

 [4] حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده ( 3594)، والإمام البخاري في صحيحه (3651 )، والإمام مسلم في صحيحه  (2533).

[5]  رواه الإمام أحمد في مسنده (3600) ، بإسناد لا بأس به، من أجل عاصم ابن أبي النجود ففي حفظه شيء.

[6]  جامع بيان العلم وفضله لأبي عمر ابن عبد البر(ج2\ 947) إسناده منقطع فقتادة لم يلق ابن مسعود ، ورواه الآجري في الشريعة (ج4\1676) ، ورواه الآجري في الشريعة أيضاً (ج4\ 1685) بإسنادٍ أصح من كلام الحسن البصري ، ورواه أبو نعيم في الحلية(ج1\305)  عن ابن عمر بإسناد لا يصح لضعف عمر بن نبهان.

 [7] منهاج السنة النبوية [ج2\79 ].

[8]  (الجرح والتعديل-  ج 1\ 7).

[9] ابو بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن أبى شيبة الكوفي ( الواسطي الأصل )، إمام حافظ .

 

رابط الكتاب :

https://bit.ly/3DPihqz

تعليقات

الكلمات الدلالية